تعرف على أعراض الإمساك المزمن وكيفية التشخيص الصحيح
يصاب العديد من الأشخاص، سواء كانوا بالغين أم أطفالًا، بالإمساك بشكل شائع وإن كانت تلك التجربة عابرة للجميع، إلا أن القليلين يعانون من مشكلة الإمساك المستمر، التي تتحول إلى تحدي صحي يستمر لفترة طويلة، وهو ما يُعرف بالإمساك المزمن.
وتحمل ظاهرة الإمساك هذه معاناة كبيرة، حيث يمكن أن تؤثر على الحياة اليومية وتعيق راحة المريض بشكل مستمر، ورغم أن هناك عوامل متنوعة قد تلعب دورًا في تطوّر هذه المشكلة، إلا أن الوعي بأسبابها وكيفية التعامل معها يمكن أن يكونا مفتاحًا للعلاج، والتخفيف من حدة الأعراض والتعايش بشكل جيد.
لذا في هذا المقال المقدم من مجلة زهرة، سوف نتعرف على هذه الظاهرة الصحية بما في ذلك أسباب الإمساك المزمن، وأعراضه وتأثيراته الصحية، بالإضافة إلى التشخيص والعلاج.
مفهوم الإمساك المزمن
يمثل الإمساك المزمن تحديًا صحيًا يستمر لفترة تتجاوز عدة أسابيع أو حتى أشهر، ويعتبر التعريف الدقيق للإمساك المزمن متغيرًا من حالة لأخرى، لكنه بشكل عام يتمثل في صعوبة في إخراج البراز أقل من ثلاث مرات في الأسبوع، وقد يشمل مجموعة من العلامات والأعراض.
ويستمر هذا النمط لفترة تزيد عن عدة أشهر، ويعتبر الأطباء أن الشخص مصاب بالإمساك المزمن عند حدوث هذه الأعراض:
- استمرار الإمساك لمدة 3 أشهر أو أكثر.
- تأثير الإمساك السلبي على حياة الفرد وعدم قدرته على أداء الأنشطة اليومية.
- فشل تغييرات النظام الغذائي أو ممارسة الرياضة في علاج الإمساك.
- اعتماد الشخص على الأدوية كوسيلة رئيسية للتحكم في مشكلة الإمساك.
أسباب الإمساك المزمن
تختلف أسباب الإمساك من شخص لآخر، وقد يكون مختلف من حيث السبب والتأثير، ويعتبر من أكثر أسباب شيوعه هو النظام الغذائي الغير متوازن، والذي يكون عادةً قليل الألياف، بالإضافة إلى ذلك، هناك أسباب أخرى تشمل ما يلي:
- نقص السوائل في الجسم والجفاف، حيث أن عدم شرب الماء بكميات كافية يساعد في تباطؤ عملية الهضم وزيادة فرص حدوث الإمساك.
- الإصابة بإحدى الاضطرابات الهضمية، مثل متلازمة القولون العصبي، ومرض كرون، أو التهاب القولون التقرحي.
- نقص النشاط البدني، يمكن أن تؤدي قلة ممارسة الرياضة إلى إبطاء حركة الأمعاء وتسبب الإمساك.
- تأثير بعض الأدوية، مثل مسكنات الألم الأفيونية وبعض أنواع المضادات الحيوية، وأيضًا المكملات الغذائية مثل الكالسيوم أو مكملات الحديد، يمكن أن تسبب الإمساك.
- العوامل النفسية، كالإجهاد، والقلق، والاكتئاب أو الإصابة بمرض باركنسون يمكن أيضًا أن يؤثر على وظائف الجهاز الهضمي.
- اضطرابات هرمونية، مثل اضطرابات الغدة الدرقية.
- الإصابة بأمراض مزمنة، مثل التصلب المتعدد، وسرطان الأمعاء.
- الحمل أو الإصابة بداء السكري.
- انسداد في الأمعاء أو المستقيم.
- ارتفاع مستويات الكالسيوم في الدم.
- إصابة الحبل الشوكي.
- بعض حالات البواسير والشقوق الشرجية.
وفي بعض الحالات، قد يكون من الصعب تحديد سبب محدد للإمساك المزمن، ويُشار إلى ذلك باسم “الإمساك المزمن مجهول السبب”.
أعراض الإمساك المزمن
تتعدد أعراض الإمساك، إلا أنه لا يمكن تصنيفه على أنها حالة إمساك مزمن إلا إذا عانى المريض من ثلاثة منها على الأقل لمدة تتجاوز ثلاثة أشهر
لكي يُصنَّف الإمساك كحالة مزمنة، يجب أن يُعاني المريض من ثلاثة أعراض على الأقل لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر. ورغم أن هناك العديد من الأعراض التي يمكن أن تُصاحب الإمساك، إلا أنه لا يمكن تصنيفها على أنها حالة إمساك مزمن إلا في حال توافر هذه الشروط، ومن أبرز الأعراض الشائع حدوثها ما يلي:
- التبرز أقل من ثلاث مرات في الأسبوع، وهذا هو المؤشر الرئيسي للإصابة بالإمساك المزمن.
- صلابة البراز أو تكتله أو مظهره الحصوي.
- الشعور بالإجهاد والصعوبة أثناء عملية التبرز.
- الشعور بعدم تفريغ الأمعاء بشكل كامل.
- الإحساس بوجود عائق أو انسداد في المستقيم.
- الحاجة لوسائل يدوية للمساعدة في عملية الإخراج.
- بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الأعراض الثانوية مثل الانتفاخ، والغثيان، وآلام البطن، وفقدان الشهية، والصداع، والهيجان.
وكل هذه الأعراض تعكس التحديات التي يواجهها المريض في عملية التبرز وتفريغ الأمعاء.
كيف يتم التشخيص الصحيح للإمساك المزمن؟
يتطلب التشخيص الصحيح للإمساك إجراء عدة فحوصات، كما يتطلب تحليل شامل للأعراض المصاحبة للمريض وتاريخه الطبي، بالإضافة إلى ذلك يستند الطبيب المعالج إلى مجموعة من الخطوات والفحوصات لتحديد سبب الإمساك وتقديم العلاج الأمثل.
وتتضمن الفحوصات التشخيصية ما يلي:
- اختبارات الدم، والتي تشمل عدة فحوصات مثل، تعداد الدم الكامل وفحص السكر الصيامي والتمثيل الغذائي الشامل.
- أخذ عينة البراز، لفحص وجود عدوى أو التهاب في الجهاز الهضمي.
- فحص البول، وذلك لاستبعاد أسباب أخرى مثل مرض السكري.
- تنظير القولون أو التنظير الداخلي، والذي يُجرى لاكتشاف أي مشكلات في القولون، المستقيم، أو منطقة الشرج.
- قياس ضغط الشرج والمستقيم؛ لتقييم وظيفة المستقيم ومنطقة الشرج.
- فحص إخراج البالون، والذي يُجرى عن طريق إدخال بالون في المستقيم لتقييم عمل الجهاز الهضمي عند التبرز.
- التصوير بالرنين المغناطيسي أو الأشعة السينية، ويُمكن استخدامها لتحديد هل هناك أي انسداد أو مشكلة في الهيكل الداخلي للأمعاء أم لا.
علاج الإمساك المزمن
يمكن اتباع بعض الإرشادات العامة التي سوف تساعدك كثيرا في التغلب على هذه الحالة، بالإضافة إلى الأدوية المتاحة لعلاج حالات الإمساك.
العلاج الطبيعي
يعتبر العلاج الرئيسي في حالات الإمساك الشديد والمزمن هو اتباع نظام غذائي صحي ونمط حياة متوازن، وذلك من خلال الإرشادات التالية:
- تناول نظام غذائي غني بالألياف، وهذا من أحد أهم العوامل في تعزيز صحة الجهاز الهضمي؛ إذ تساعد الألياف على تحسين حركة الأمعاء وتعزز من صحة الجهاز الهضمي.
- يجب الحرص على تناول الخضار، والفواكه، والحبوب الكاملة، والتي تحتوي على كميات كبيرة من الألياف التي تساعد في تسريع حركة الأمعاء، ومع ذلك ننصح بزيادة كمية الألياف الغذائية تدريجيًا، حتى لا تتعرض لانتفاخ أو غازات، وحسب التوصيات الغذائية، يُنصح بتناول ما بين 25 إلى 34 غرامًا من الألياف الغذائية يوميًا، وهذه الكمية تعتبر مناسبة للبالغين وتعتبر جزءًا من نظام غذائي صحي ومتزن.
- شرب كميات كافية من الماء، إذ يساعد الماء في تليين البراز وتسهيل حركته عبر الجهاز الهضمي.
- ممارسة النشاط البدني، والذي يساعد على صحة الجسم بشكل عام وتحسين وظائف الجهاز الهضمي بشكل خاص.
- الالتزام بجدول زمني للذهاب إلى الحمام، حيث يساعد ذلك في تدريب الجسم على الإخراج الطبيعي للبراز.
- تدريب عضلات الحوض يساعد في تحسين التحكم في عملية التبرز.
مشروبات لعلاج حالات الإمساك الشديدة والمزمنة
- عصير البرقوق، إذ يحتوي عصير البرقوق على ألياف تساعد في تليين البراز ويحتوي أيضًا على السوربيتول الذي يسهل عملية خروج البراز.
- عصير التفاح، تناول عصير التفاح له تأثير فعال في تليين الأمعاء، كما يساعد في تخفيف الإمساك عند الكبار، يحتوي التفاح أيضًا على نسبة عالية من الألياف والسوربيتول؛ مما يجعله فعّالًا في تحفيز حركة الأمعاء وتسهيل عملية التبرز.
- كوب من الماء الدافئ مع عصير ليمون، يعتبر تأثير خليط عصير الليمون والماء الدافئ فعَال في تحفيز حركة الأمعاء وتليين البراز، ويعود ذلك إلى الخصائص الفيتامينية والمضادة للأكسدة لليمون؛ ما يسهم في تليين البراز وتحسين حركة الأمعاء، كما أن تناول هذا المشروب صباحًا على معدة فارغة قد يكون تأثيره أفضل.
العلاج الدوائي
هناك بعض الادوية الفعالة في حالات الإمساك الشديدة، والتي يمكن صرفها دون وصفة طبيب، ومنها ما يلي:
- مكملات الألياف، حيث تضيف كتلة إلى البراز وتساعد في تحسين حركة الأمعاء، مثل: السيليوم.
- ملينات البراز، حيث تعمل الملينات على سحب الماء باتجاه الأمعاء لترطيب البراز وتسهيل حركته، ومنها الدوكوسات.
- الملينات الأسموزية، وتزيد الملينات من السوائل في القولون، مثل هيدروكسيد الصوديوم،؛ مما يساعد أيضًا على تليين البراز وتسهيل خروجه.
- المزلقات، وهي تساعد على تمرير البراز بسلاسة عبر الأمعاء، ومن أمثلتها الزيوت المعدنية.
- الملينات المحفزة للأمعاء، وهي تعمل على تحفيز تقلص عضلات الأمعاء ووعلاج الإمساك، مثل البيساكوديل.
- الحقن الشرجية والتحاميل، وهي تستخدم لترطيب منطقة المستقيم والشرج وتحفيز حركة الأمعاء لخروج البراز.
في حال عدم نجاح تلك الأدوية يجب الذهاب إلى الطبيب، وأخذ العلاج المناسب الموصوف من قبل الطبيب.
العلاج الجراحي للإمساك المزمن
التدخل الجراحي هو خيارغير شائع لعلاج الإمساك المزمن، ويتم اعتباره الخيار الأخير عندما لا تنجح العلاجات الأخرى في تخفيف المشكلة أو تحسين الأعراض، كما يتوقف تقدير مدى مناسبة التدخل الجراح على سبب الإمساك الذي يعاني منه المريض، ولذلك يجب أن يتم اتخاذ قرار الجراحة بعناية وبناءًا على تقييم شامل لحالة المريض وتاريخه الصحي.
كما يجب الانتباه إلى أن هناك المزايا المحتملة للجراحة مقابل مخاطر محتملة وتعقيدات مرتبطة بها؛ لذا يجب أن يتم استشارة طبيب متخصص في جراحة الجهاز الهضمي لتقييم الحالة وتوجيه المريض بشأن الخيارات المناسبة.
ولا داعي للقلق، فقد ذكرنا مسبقًا العديد من الخيارات العلاجية الغير جراحية الفعًالة لعلاج الإمساك المزمن، مثل تغيير نمط الحياة والنظام الغذائي، وتناول الألياف الغذائية والسوائل بكميات كافية، واستخدام الملينات المحفزة، والمشروبات الطبيعية وآخرها العلاج الدوائي إذا تتطلب الأمر.
في ختام هذا المقال، يظهر بوضوح أن الإمساك المزمن يمكن أن يكون تحديًا صحيًا مزعجًا يؤثر على حياة المصابين، لكن الخيارات الطبيعية تعتبر حلًا فعًالا لهذه المشكلة بشكل كبير، إذ أن اتباع نمط حياة صحي ومتوازن من شأنهِ إحداث تغيير كبير، وتحسن في الأعراض؛ لذا فإن تحديد الأسباب والتعامل معها بشكل فعّال يعتبر أمرًا مهمًا للتخلص من الآلام الناجمة عن الإمساك والتعايش بشكل صحي وطبيعي.