من أجلك زهرتي .

ذات الهجرتين | أم سلمة زوجة الرسول

لُقبت بـ ذات الهجرتين؛ لأنها كانت ممن هاجروا إلى الحبشة والمدينة المنورة، كانت من السابقين في الدخول إلى الإسلام، وبذلك لاقت الكثير من أذي المشركين للمسلمين في مكة، كانت زوجة لصحابي، ولما استشهد تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذلك أصبحت أمًا للمؤمنين. 

هي الصحابية الجليلة “أم سلمة” صاحبة العقل الراجح، والتفكير السليم، والتي ضحت بالكثير في سبيل نصرة هذا الدين، وتعرضت إلى العديد والعديد من المضايقات من كفار قريش، ونالت حظًا وفيرًا من تنكيلهم بالمسلمين، ومع صدور الإذن من رسول الله بالهجرة إلى الحبشة، كانت هي وزوجها في طليعة المهاجرين. 

كانت حياتها مليئة بالكفاح والمشقة، وسنحاول في هذا المقال من مجلة “زهرة” الحديث عن أهم محطات حياة أم المؤمنين وذات الهجرتين أم سلمة، ومواقفها مع رسول الله عقب زواجه إياها، وروايتها للحديث، حتى وفاتها. 

نسب ونشأة ذات الهجرتين أم سلمة 

هي أم سلمة هند بنت أبي أمية “حذيفة” بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب، وكانت أمها تُدعى عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن مالك بن جذيمة بن علقمة جدل الطعان بن فراس بن غنم بن مالك الكنانية، وُلدت في مكة المكرمة، وهي ابنة عم الصحابي الجليل “خالد بن الوليد”، بالإضافة إلى أنها كانت شقيقة الصحابي “عمار بن ياسر” من الرضاعة.  

تربت ذات الهجرتين أم سلمة في بيت كان يتميز بالرفعة والشرف؛ إذ كان والدها من سادات بني مخزوم، وكان شديد الكرم، حتى أُطلق عليه من شدة جوده “زاد الراكب”؛ حيث كان عند سفره لا يترك من يصاحبه يحمل زاده، بل كان يتكفل هو بذلك الأمر، وكان لها من الإخوة “عامر، عبد الله، والمهاجر”.

زواجها من أبو سلمة وحياتها معه

تزوجت ذات الهجرتين من ابن عمها “أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي”، وقد كانا من السابقين في الإسلام، وعند اشتداد أذى المشركين وتعذيبهم للمسلمين، أمر الرسول من يستطيع بالهجرة إلى بلاد الحبشة، وبالفعل كان أبو سلمة وزوجته من أوائل المهاجرين إلى هناك، وقد رُزقا بابنهما سلمة في الحبشة. 

وعندما بلغهم في الحبشة أن الإسلام قد انتشر في مكة وأن أشرافها قد دخلوا في الإسلام جميعًا، عادوا بشكل سريع إلى مكة، وهناك اكتشفوا كذب الخبر، ودخلا مكة في جوار خال زوجها “أبي طالب”. 

ظلت أم سلمة برفقة زوجها في مكة، حتى هاجر رسول الله إلى المدينة، وحينما أرادا اللحاق برسول الله منع أم سلمة أهلها من الهجرة إلى يثرب، وهاجر زوجها منفردًا إلى المدينة، ولما ظلت في حزن دائم، أطلق أحد أفراد أسرتها سراحها ولحقت بزوجها في مدينة رسول الله. 

وقد أنجبت من أبي سلمة ثلاثة أولاد بعد سلمة، هم “عمرو، محمد، درة، زينب، وأم كلثوم”، وفي غزوة أحد أصيب زوجها إصابة بليغة، ظل يعاني منها حتى توفى في 8 جمادى الآخرة، عام 4 من الهجرة. 

الزواج من رسول الله 

عقب وفاة أبو سلمة وانقضاء عدة ذات الهجرتين أم سلمة، تسارع العديد من الصحابة إلى خطبتها وكان منهم خليفة رسول الله “أبو بكر الصديق” والخليفة الثاني “عمر بن الخطاب”، لكنها أبت ولم تقبل أي شخص منهم، وبعد ذلك قام النبي بخطبتها فوافقت، وكان صداقها عبارة عن فراش حشوه ليف، وقدر وصحيفة كثيفة ورحى.

وقد كان لأم سلمة مكانة كبيرة عند رسول الله، ومما يدل على ذلك ما روته زينب ابنتها أن رسول الله ضم إليه فاطمة والحسن والحسين وقال: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت، إنه حميد مجيد”، فبكت أم سلمة فسألها الرسول عن سبب ذلك، فقالت: خصصتهم وتركتني وابنتي، فقال له: أنتِ وابنتكِ من أهل البيت.

ولأنها كانت تتميز بالعقل الراجح، كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ برأيها ويستحسنه، ومن ذلك أنه بعد إقرار النبي لصلح الحديبية، أمر أصحابه قائلًا “قوموا فانحروا، ثم احلقوا” فلم يلق استجابة سريعة من الصحابة؛ لأنهم غير راضين عن شروط  الصلح، فحزن النبي وذهب إلى أم سلمة يستشيرها في الأمر، فقالت له: يا رسول الله، اخرج ولا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بُدنك، وتدعو حالقك فيحلق لك”. 

وفعلًا خرج رسولنا وفعل ما نصحته به زوجه ذات الهجرتين أم سلمة، ولما رأى الصحابة صنيع رسول الله، قاموا جميعًا وذبحوا وحلقوا، ومن أهم ما ورد في سيرتها أيضًا أنها قالت لرسول الله ذات مرة: يا رسول الله، تغزو الرجال ولا نغزو، فأنزل الله عزو وجل “وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا”. 

رواية أم سلمة للحديث 

روت ذات الهجرتين أم سلمة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قامت بروايته عن فاطمة الزهراء بنت رسول الله، كما روت الأحاديث أيضًا عن زوجها أبي سلمة، وروى عنها العديد من الصحابة والصحابيات؛ إذ كان ممن روى عنها أم المؤمنين عائشة، وأبي سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وابن عباس، وسعيد بن المسيب.

كما تعد أم سلمة هي ثاني أكثر النساء رواية للحديث عن رسول الله بعد أم المؤمنين عائشة، وقيل أنها روت ما يقرب من 378 حديثًا، وكانت أغلب رواياتها في العبادات وأحكامها. 

حياتها بعد وفاة رسول الله ووفاتها

عقب وفاة رسول الله، حرصت ذات الهجرتين أم سلمة على أن تلزم بيتها، وكانت تعمل على قراءة الحديث والفقه على العديد من الأشخاص الذين يسألون عن أمور دينهم؛ إذ عرف عنها التفقه في الدين، هذا بجانب تميزها بالفصاحة والبلاغة، والقدرة على الحديث، والتمكن بشكل جيد من اللغة. 

وتوفيت أم المؤمنين “أم سلمة” في شهر ذي القعدة، مع وجود اختلاف في أي عام كانت الوفاة، والأقوال الراجحة أنها كانت في عام “59، أو 60، أو 61” من الهجرة، لكن الثابت والصحيح أنها كانت آخر من توفيت من زوجات النبي، ودفنت بالبقيع. 

تابعونا على صفحة الفيسبوك من خلال الضغط هنا

تابع جديد موضوعات زهرة
تابع جديد موضوعات زهرة
كوني مميزة وسجلي الآن؛ لكي يصلكِ كل ما هو جديد في عالم المرأة والطفل.
يمكنك إلغاء الاشتراك في أي وقت تريدين
قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا