من أجلك زهرتي .

خديجة بنت خويلد | أم المؤمنين

خديجة بنت خويلد؛ امرأة مؤمنة، أول من دخلت في الإسلام من النساء، ضحت بالكثير من مالها في سبيل الله عز وجل وفي سبيل نصرة الدين، كانت من بيت شرف ومجد، وكانت ذات حسب ونسب، كما أنها كانت خير زوجة لزوجها، آمنت به حين كذبه الناس، ساعدته بمالها حين حرمه الناس وآذوه، فاستحقت بذلك أن تكون أول أم للمؤمنين. 

إنها السيدة الطاهرة “خديجة بنت خويلد” رضى الله عنها، أولى زوجات الرسول، والتي لم يتزوج غيرها طيلة حياتها، كما أنها أم كافة أبنائه عدا إبراهيم، كما كان لها باع طويل في الدعوة إلى الله، والعمل المستمر لنصرة الدين ورفعة شأنه، واستمرت في بذل التضحيات بقدر ما استطاعت حتى لقت ربها عز وجل، والذي بشرها قبل وفاتها ببيت في الجنة. 

في هذا المقال من مجلة “زهرة” سنتناول سيرة الصحابية الجليلة وأم المؤمنين خديجة بنت خويلد، منذ ولادتها ونشأتها، مرورًا بأهم محطات حياتها، وحتى ساعة وفاتها رضى الله عنها. 

نشأة خديجة بنت خويلد

هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي بن عبد العزيز بن قصي بن كلاب بن مرة ابن كعب ابن غالب بن فهر، ووالدتها هي  فاطمة بنت زائدة بن الأصم، وُلدت في مكة المكرمة عام 556 من الميلاد، وكان والدها سيدًا مطاعًا في قومه، وكان بيتها بيت عز ومجد.  

تربت “خديجة” على الأخلاق الحميدة، حتى أنها كانت تُلقب بالطاهرة، وقد كانت كريمة في قومها، لها مكانة وتقدير كبيرين، وهو ما جعل الخُطّاب يتسارعون في طلب يدها رغبة منهم في الزواج بها، بالإضافة إلى أنها كانت تتميز برجاحة العقل والفكر. 

زواج خديجة بنت خويلد 

منذ وصول “خديجة” إلى سن الزواج، والخُطّاب يتسارعون إلى التقدم إليها، حتى تزوجت من “أبو هالة بن زرارة بن النباش التميمي” وأنجبت منه ولدين هما “هند، وهالة”، ولم تلبث معه وقتًا طويلًا حتى وافه الأجل. 

بعد وفاة زوجها الأول، تزوجت مرة ثانية من “عتيق بن عائذ المخزومي”، وأنجبت منه فتاة تُسمى “هند”، وقيل أنه قد تُوفى، وهناك رأي آخر بأنه قد طلقها. 

العمل بالتجارة

كانت السيدة خديجة صاحبة مال كثير، وكانت تعمل بالتجارة كعادة أثرياء مكة، وكانت ترسل تجارتها إلى بلاد الشام واليمن، لكنها كانت حريصة دائمًا على اختيار الرجال الأنسب للتجارة بأموالها وضمان ربحها، واستمر بها الحال كذلك حتى سمعت ما يُقال عن الصادق الأمين. 

سمعت السيدة خديجة عن شاب من بني عبد المطلب يلقبه الناس بالصادق الأمين؛ لشدة أمانته وصدقه، فقررت أن تقدم إليه عرضًا بالتجارة في أموالها في بلاد الشام، فقبل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الأمر، وخرج في تجارتها مع غلام لها كان يُدعى “ميسرة”، والذي أمرته سيدته برصد كافة أحوال “محمد” بشكل دقيق. 

وخلال الرحلة، وقعت العديد من الأحداث التي تدل على كرامة سيدنا محمد، وأنه رجل سيكون له شأن عظيم، وكان من أهم هذه الأحداث، أنه كلما اشتد الحر عليهم، رأي ميسرة غمامًا يظلل النبي صلى الله عليه وسلم، ويسير معه أينما ذهب، كما أن “ميسرة” قد أحب الرسول بشكل كبير وكان مرافق له على الدوام. 

ومع نهاية التجارة، تمكن رسول الله من بيع جميع ما كان معهم وحقق ربحًا عظيمًا، ورجعوا إلى مكة المكرمة مرة ثانية، فوصلوا مكة في وقت الظهيرة، وذهب الرسول مباشرة إلى السيدة خديجة يبشرها بالمكاسب العظيمة التي قاموا بتحقيقها في تجارتهم في بلاد الشام، فسرت بهذا الخبر وفرحت به فرحًا شديدًا.  

زواج خديجة بنت خويلد من رسول الله وحياتها معه

عقب عودة الرسول من التجارة بأموال “خديجة” رضى الله عنها، وإخبار ميسرة لها عن كل ما رآه وشاهده من أخلاقه وتعاملاته، والمواقف التي تدل على شأنه العظيم مستقبلًا، رأت فيه زوجًا مناسبًا لها، وأسرت بهذا الأمر إلى صديقتها “نفيسة بنت مُنية”، فعزمت نفسية على أن تفاتح رسول الله في الأمر. 

وبحيلة ذكية تمكنت “نفسية” من عرض الأمر على رسول الله، والذي وافق على الفور، وذهب إلى عمه “أبو طالب” لمعرفة رأيه، فشجعه على ذلك، وذهب الرسول برفقة أعمامه إلى بيت “خديجة” يطلبونها من أهلها، وتم الزواج وكان الرسول حينها يبلغ من العمر 25 عامًا، بينما تبلغ السيدة خديجة 40 عامًا. 

وقد أنجبت السيدة خديجة لرسول الله كافة أبنائه، ما عدا ولده إبراهيم فكانت أمه هي “مارية القبطية”، وكان أولاد الرسول اثنان من الذكور وأربعة من الإناث، هم “القاسم، عبد الله، زينب، رقية، أم كلثوم، فاطمة”. 

وخلال فترة زواجهما وحتى بعد وفاتها رضى الله عنها، كانت للسيدة خديجة مكانة عظيمة في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم تتمكن واحدة من نسائه من الوصول إليها، ومن أهم الدلالات على عظم مكانتها أن الله بشرها على لسان رسوله ببيت لها في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.

ومن أهم المواقف التي تدل على حب الرسول للسيدة خديجة حبًا كبيرًا حتى بعد وفاتها، ما روته السيدة عائشة، إذ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكر خديجة في يوم من الأيام فشعرت بالغيرة، وقلت له: هل كانت إلا عجوزًا أبدلك الله خيرًا منها، فغضب صلى الله عليه وسلم ثم قال: لا والله ما أبدلني الله خيرًا منها؛ فهي آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء، فقالت له السيدة عائشة: يا رسول الله، اعف عنى، ولا تسمعني أذكر “خديجة” بعد هذا اليوم بشيء تكرهه.

الدخول في الإسلام

عقب زواج رسول الله بالسيدة خديجة بنت خويلد، كانت له خير زوجة ومعينة، وعند بعثة رسولنا الكريم كان قد مر على زواجهما 15 عامًا كاملة، وعند نزول الوحي وإصابة النبي بالفزع سارع إلى بيت خديجة قائلًا “زملوني، زملوني”، ولما ذهب الروع عنه قص عليها ما حدث معه، وطمأنته قائلة “الله يرعانا يا أبا القاسم، ابشر يا ابن عم واثبت، والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلّ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق”.

وذهبت به إلى ابن عم لها كان يُدعى “ورقة بن نوفل” فطمأنه وأخبره أن هذا هو الناموس الذي نزل على موسى وعيسى، وأنه نبي هذه الأمة، ومع بداية بعثة الرسول آمنت به السيدة خديجة على الفور، فكانت بذلك أول من تدخل في الإسلام من النساء. 

مواقفها في الإسلام 

عقب إسلام السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها، كانت هي أول من أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدها ليعلمها الوضوء والصلاة، وكان لها دور كبير في نصرة رسول الله ومؤازرته، كما تصدت للكثير من هجوم المشركون على الرسول وأصحابه، وحينما أُوذيت في ابنتيها رقية وأم كلثوم حينما طُلقتا من أزواجهن “عتبة وعتيبة ولدا أبي لهب”، صبرت على هذا الابتلاء رغم حزنها الشديد لما أصاب ابنتيها. 

وحينما فرضت قريش الحصار على رسول الله وأصحابه وبني هاشم وبني عبد المطلب في شعب أبي طالب، تركت أهلها وقبيلتها، والتحقت برسول الله في الشعب، تسانده وتساعده في هذا الحدث الذي استمر لمدة ثلاث سنوات، وعانت كباقي المسلمين من الجوع والضعف، وحاولت بقدر استطاعتها توفير الطعام للمسلمين من مالها وتجارتها. 

وفاة خديجة بنت خويلد 

مع تقدم السيدة خديجة بنت خويلد في العمر، أصابها المرض واشتد عليها، وظلت صابرة حتى توفاها الله قبل هجرة رسول الله إلى المدينة بثلاث سنوات، وكانت تبلغ من العمر حينها 65 عامًا. 

تابعونا على صفحة الفيسبوك من خلال الضغط هنا…

تابع جديد موضوعات زهرة
تابع جديد موضوعات زهرة
كوني مميزة وسجلي الآن؛ لكي يصلكِ كل ما هو جديد في عالم المرأة والطفل.
يمكنك إلغاء الاشتراك في أي وقت تريدين
قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا