من أجلك زهرتي .

أسماء بنت أبي بكر | ذات النطاقين

أسماء بنت أبي بكر؛ كانت من السابقين إلى الإسلام، وهي من لقبها النبي صلى الله عليه وسلم بذات النطاقين، وكان لها أثر كبير في الهجرة، وتزوجت من حواري رسول الله، وهي أول من وضعت مولودًا للمهاجرين في المدينة المنورة، بالإضافة أنها كانت آخر امرأة توفيت من المهاجرات، وبين سبقها في الدخول إلى الإسلام ووفاتها وقد جاوزت المائة عامًا، حياة طويلة مليئة بالكفاح والجهاد في سبيل الله. 

إنها ذات النطاقين “أسماء بنت أبي بكر” التي سنتحدث في هذا المقال من مجلة “زهرة” عن كل ما يتعلق بها، بداية من ولادتها رضى الله عنها، ونشأتها أهم صفاتها، مرورًا بزواجها وهجرتها إلى المدينة المنورة، وحتى وفاتها عقب مقتل ابنها عبد الله.

نسب وميلاد أسماء بنت أبي بكر 

ولدت أسماء بنت أبي بكر الصديق بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب قبل 27 عامًا من الهجرة، أي في عام 595 من الميلاد، وكانت أمها هي قتيلة بنت عبد العزى بن أسعد بن جابر بن مالك، ولها ثلاثة من الإخوة الذكور واثنتان من الإناث، وليس لها إلا أخ واحد شقيق، أما البقية فهم إخوة من جهة الأب فقط، وإخوتها هم “عبد الله وهو الأخ الشقيق، عبد الرحمن، محمد، عائشة، أم كلثوم”. 

إسلام أسماء بنت أبي بكر 

تربت أسماء على يد والدها أبي بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين، فكانت تربيتها حسنة، وبعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كانت من السابقين إلى الإسلام، حتى قيل أنها قد أسلمت بعد سبعة عشر شخصًا فقط دخلوا في الإسلام، وبذلك كانت من السابقين الأولين. 

زواج أسماء بنت أبي بكر  

تزوجت السيدة أسماء من الصحابي “الزبير بن العوام”، وقد زوجها أبوها إياه قبل هجرته إلى المدينة برفقة رسول الله، وكان “الزبير” رجل شديد الغيرة على أسماء، حتى أنها كانت تخاف بشدة من غيرته، وكانت خير زوجة له، إذ كانت تقوم على علف فرسه، وسياقة المياه، كما أنها كانت تعمل على نقل النوى بعد الهجرة من أرض الزبير حتى بيتها، وظلت كذلك حتى أرسل إليها أبوها خادمًا يتولى رعاية الفرس والاهتمام به. 

وقد أنجبت من زوجها الزبير خمسة أولاد من الذكور، وثلاثة من الإناث، هم “عبد الله، عروة، المنذر، عاصم، المهاجر، خديجة، أم الحسن، وعائشة”.

دور أسماء بنت أبي بكر في الهجرة

من أهم المواقف العظيمة التي قامت بها السيدة أسماء خلال هجرة والدها مع رسول الله، أن جدها “وقد ذهب بصره حينها” قد أتى يخبرها أن والدها قد فجعهم في نفسه وماله ولم يترك لهم أي شيء، فأنكرت على الفور ذلك، وأخذت بضعة أحجار ووضعتهم في مكان المال المعتاد من المنزل وألقت عليهم ثوبًا، وأخذت بيد جدها ووضعتها على الأحجار، وأخبرته أن والدها قد ترك لهم الكثير من المال، ففرح جدها وقال “لا بأس، إن كان قد ترك لكم هذا فقد أحسن”.  

كما أنها خلال أحداث الهجرة قد تعرضت إلى الصفع على خدها من أبي جهل، حينما أتى بصحبة بعض رجال قريش إلى منزلهم يسألها عن أبيها، ولما أنكرت معرفتها بمكانه لطمها حتى سقط قرطها. 

أما الدور الأكبر لها خلال الهجرة، والذي حازت بسببه على لقب “ذات النطاقين”، أنها كانت تذهب بالطعام والماء لأبي بكر ورسول الله حينما كانا في الغار، وفي مرة وأثناء تجهيزها للطعام لم تجد ما تحمله فيه، فقامت على الفور بشق النطاق “الخمار” الخاص بها إلى نصفين، ووضعت في النصف الأول الطعام، والنصف الآخر المياه، وحينما علم رسول الله بصنيعها قال “لقد أبدلكِ الله بنطاقين في الجنة”، فأصبحت من وقتها تُلقب بذات النطاقين. 

هجرة أسماء بنت أبي بكر 

هاجرت السيدة أسماء إلى المدينة المنورة رفقة زوجها الزبير، وقد ولدت ابنها “عبد الله” هناك، وهو أول مولود للمهاجرين في المدينة، فسعد المسلمون به سعادة بالغة؛ إذ ظلوا بعد الهجرة لفترة لا يولد لهم أي طفل، حتى قيل حينها أن يهود المدينة قد قاموا بسحر لهم، فلما وُلد “عبد الله” فرح به رسول الله، وقام بتحنيكه باستخدام التمر، وأطلق عليه اسم عبد الله، كجده لأمه والذي أمره رسول الله أن يؤذن في أذنيه. 

أهم صفات أسماء بنت أبي بكر 

كان من أهم صفاتها أن سخية معطاءة، حتى أن زوجها الزبير كان يقول “ما رأيت امرأة أجود قط من أسماء وعائشة”، وكانت دائمًا ما توصي أهلها بالإنفاق والصدقة، وكانت تنصح بناتها “تصدقن ولا تنتظرن الفضل”. 

وكان أيضًا من أهم صفاتها أنها شديدة التقوى، وكانت دائمة الحرص على أداء الصلاة، وارتداء الزي الشرعي، بالإضافة إلى أنها كانت شجاعة مقدامة، لا تخشى أحدًا ولا تخاف أبدًا. 

أسماء بنت أبي بكر ورواية الحديث

كانت أسماء من السابقين إلى الإسلام، وكانت دائمة الحضور لمجالس رسول الله، وقد روت عنه العديد من الأحاديث، كما قد حدث عنها العديد من الأشخاص، منهم “ولديها عبد الله وعروة بن الزبير، وحفيدها عبد الله بن عروة، ومحمد بن المنكدر، وفاطمة بنت المنذر بن الزبير، ومولاها عبد الله بن كيسان”.

وقد اتفق كل من الإمام مسلم والإمام البخاري على ثلاثة عشر حديثًا لها، بينما انفرد الإمام البخاري لها بخمسة أحاديث، وانفرد الإمام مسلم لها بأربعة أحاديث”. 

طلاق أسماء بنت أبي بكر 

ذكرنا سابقًا أن الزبير “زوج أسماء” كان شديد الغيرة عليها، حتى أنها ذهبت في مرة تشكوه إلى والدها والذي نصحها بأن تصبر عليه، فإنه خير زوج لها، وقد شهدت معركة اليرموك بصحبته، وأنجبت له أصغر أولاده “عروة” عام 23 من الهجرة، وبعدها قام الزبير بتطليقها وأخذ عروة معه، وقد تعددت الأسباب التي قيلت أنها السبب في هذا الأمر.

أسماء بنت أبي بكر وتولي ابنها للخلافة

عقب طلاقها، عاشت السيدة أسماء رفقة ابنها عبد الله، والذي تمت مبايعته بالخلافة عام 64 من الهجرة، وكان كذلك عقب وفاة يزيد بن معاوية، وقد اتخذ مكة المكرمة عاصمة له، وقامت كافة الولايات بمبايعته إلا بعض المناطق الصغيرة في بلاد الشام. 

لكن خلافة “عبد الله” لم تدم طويلًا؛ إذ قام الأمويون بالسيطرة على مدينة رسول الله، وحاصروا مكة بقيادة “الحجاج بن يوسف الثقفي”، وبدأ بنصب المنجنيق فانسحب غالبية من كانوا مع عبد الله، وامتنعوا عن نصرته. 

وعند حدوث هذا، ذهب إلى والدته وأخبرها بما حدث له من خذلان أصحابه، فقالت له “أنت أعلم مني بنفسك، إن كنت على حق فاستمر على ما أنت عليه، فقد قُتل أصحابك، وإياك أن تمكن غلمان بني أمية من رقبتك، وإن كنت تريد الحياة الدنيا، فبئس العبد أنت؛ فقد أهلكت نفسك ومن معك”، ورد عليها أنه يخشى التمثيل به في حالة قتله، فردت “لا تتألم الشاة بالسلخ بعد الذبح، فامض على بصيرتك، واحرص على الاستعانة بالله”. 

حينها طلب منها الدعاء له، وذهب لمواصلة القتال، لكن جيش الحجاج تمكن من الهجوم على مكة، وقتل “عبد الله بن الزبير” وصلبه بعد قتال شديد، وكان ذلك عام 73 من الهجرة. 

وكانت السيدة أسماء رضى الله عنها قد ذهب بصرها حينها، ووصلها خبر مقتل ابنها عبد الله، فأرسل إليها الحجاج يأمرها بالحضور إليه، فأبت وأرسل إليها مرة ثانية برسالة مفادها “أحضري إليّ، أو أرسل من يسحبك بقرونكِ”، فرفضت الأمر وقالت “لا أذهب إليه حتى يرسل إلي من يسحبني بقروني” فذهب الحجاج بنفسه إليها، وأخبرها عن قتله لابنها فقالت له “إنك قد أفسدت عليه دنياه، أما هو فقد أفسد عليك آخرتك”. 

وبعد مرور ثلاثة أيام على صلب “عبد الله” قام الحجاج بإنزاله، فذهبت السيدة أسماء بنت أبي بكر إلى جثمان ولدها فغسلته وكفنته، وقامت بالصلاة عليه، وبعدها قامت بدفنه، ولم تلبث بعد ذلك إلا أيامًا معدودة حتى وافتها المنية. 

وفاة أسماء بنت أبي بكر 

عاشت السيدة أسماء عمرًا طويلًا، حتى أنها قد تجاوزت المائة عام، وقد قيل “أنها لم يسقط لها سن واحد رغم وصولها إلى هذا العمر”، وقد توفيت عقب مقتل ابنها عبد الله بأيام قليلة لم تتجاوز الشهر، وقد كانت آخر امرأة تتوفى من المهاجرات. 

تابعونا على صفحة الفيسبوك من خلال الضغط هنا

تابع جديد موضوعات زهرة
تابع جديد موضوعات زهرة
كوني مميزة وسجلي الآن؛ لكي يصلكِ كل ما هو جديد في عالم المرأة والطفل.
يمكنك إلغاء الاشتراك في أي وقت تريدين
قد يعجبك ايضا
اترك تعليقا