عاتكة بنت زيد | زوجة الشهداء

عاتكة بنت زيد؛ قيل في حقها “من أراد الشهادة، فعليه بالزواج منها”، كانت من السابقين في الإسلام، كما كانت من النساء اللاتي قد خلد التاريخ ذكرهن وآثارهن العظيمة في الإسلام، تميزت بالأدب الجم، وكذلك بالجمال الفائق وحسن الخلق. 

تزوجت من أكثر من صحابي، وجميعهم قد استشهدوا، وهو الأمر الذي جعل العديد من الصحابة يتقدمون لطلب يدها، إنها الصحابية الجليلة “عاتكة بنت زيد” ابنة عم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وشقيقة الصحابي الجليل سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين بالجنة. 

في هذا المقال من مجلة “زهرة” سنذكر سيرة هذه الصحابية، وأهم المواقف التي مرت في حياتها، وحتى وفاتها رضى الله عنها. 

نسب ونشأة عاتكة بنت زيد 

هي عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نُفيل بن عبد العُزى بن رِياح بن عبد اللّه بن قُرْط بن رِزاح بن عَدِيّ بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وأمها هي أم كرز بنت الحضرمي.

وُلدت في مكة، وتربت عاتكة في بيت شريف، وكان لها أخ من أبيها هو الصحابي “سعيد بن زيد” وقد كان من السابقين إلى الإسلام، كما أنها كانت ابنة عم خليفة المسلمين “عمر بن الخطاب”.

ومما ورد عن والدها أنها قد توفى قبل بعثة رسول الله، لكنه كان ممن دخل الجنة؛ إذ كان على ملة التوحيد وهي ملة سيدنا إبراهيم عليه السلام، كما أن رسول الله محمد قد رآه في الجنة ليلة الإسراء والمعراج. 

حياة عاتكة بنت زيد والدخول في الإسلام 

لما جاء الإسلام أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أنها هاجرت إلى المدينة المنورة بصحبة من هاجر من أهل مكة، وكانت تتميز بالإخلاص الشديد، والأدب الجم، والتفكير الراجح، بالإضافة إلى أنها كانت شديدة الجمال، وكانت كذلك شاعرة تتميز بالفصاحة والبلاغة.  

عندما وصلت إلى سن الزواج، تقدم العديد من الشبان وأشراف مكة في طلبها للزواج منها، لكنها تزوجت من عبد الله بن أبي بكر الصديق، وكانت حياتهما سويًا مليئة بالسعادة، وقد كان “عبد الله” يحبها حبًا جمًا؛ حتى أنه قد شُغل بها عن أداء أموره وأعماله في التجارة، وكذلك في الحرب. 

ويُروى أن سيدنا أبو بكر قد ذهب في مرة إلى ولده حتى يصحبه إلى الصلاة، وسمع ولده بحدث زوجته بالكلام المعسول الجميل، فتركه وذهب لأداء الصلاة، ولما عاد وجد ابنه على نفس الحال لم يتغير، فناداه وقال: يا عبد الله أصليت جماعة؟، فقال ابنه: أو صلى الناس؟ فرد عليه والده بنعم، لقد شغلتك زوجتك عن الصلاة والمعاش فطلقها يا عبد الله. 

وحينها لم يستطع عبد الله مخالفة أمر أبيه، وطلق عاتكة، لكنه ظل محبًا لها، ومع ذلك فقد كان نادمًا لتقصيره في حق الله، وهي أيضًا بعد طلاقها ندمت أشد الندم؛ لأنها قد شغلت زوجها عن العبادات والمعاش، وبعد فترة علم سيدنا أبو بكر أمر ابنه وحزنه على فراق زوجته، فأمره بردها إليه مرة ثانية. 

وبالفعل ذهب إليها وراجعها، وقد وهبها حديقة كبيرة، بشرط أن لا تتزوج بعده، وعاشا سويًا في سعادة، حتى خرج “عبد الله” مع رسول الله في غزوة الطائف، واستشهد بها، وبعد فترة تقدم للزواج منها الصحابي عمر بن الخطاب، وقد أخبرته عن شرط وهبة زوجها الأول، فقاما باستفتاء الإمام علي بن أبي طالب، وأخبرهما بوجوب رد الحديقة إلى أهل “عبد الله”، وبعد ذلك تزوجها سيدنا عمر، وقد أنجبت منه ولدًا يُسمى “عياض”. 

ومع مرور الأيام، عاشت عاتكة مع زوجها أيامًا سعيدة، واستمر هذا الأمر، حتى قُتل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على يد أبو لؤلؤة المجوسي، فحزنت عليه أشد الحزن. 

وقد ظلت بعدها فترة طويلة ماكثة في بيتها لا تخرج منه إلا للصلاة في المسجد، وبعد مرور بعض الوقت تقدم للزواج منها الصحابي “الزبير بن العوام”، ولما ألح عليها في الطلب وافقت وتم الزواج، وقد كان شديد الغيرة عليها، واستمرت الحياة بينهما هادئة حتى قُتل على يد عمرو بن الجرموز، وقد حزنت عليه حزنًا شديدًا، حتى أنها قالت عن نفسها حينها عقب مقتل زوجها “”لا أتزوج بعد ذلك؛ إني لأحسب أني لو تزوجت جميع أهل الأرض لقتلوا عن آخرهم”، وقد ورد حينها أن الصحابي عبد الله بن عمر قال في حقها “من أراد الشهادة فليتزوج من عاتكة بنت زيد”. 

وبعد انتهاء عدتها، أرسل إليها الإمام “علي بن أبي طالب” يطلبها للزواج، لكنها أجابته قائلة: إني لا أضن بك يا ابن عم رسول الله عن القتل، وتراجع بعدها عن طلبه، لكنها بعد ذلك قد تزوجت من “الحسين بن علي بن أبي طالب”، وانتقلت معه إلى الكوفة، وظلت معه حتى قُتل في كربلاء، ولم تتزوج بعده أبدًا. 

وفاة عاتكة بنت زيد 

توفيت رضى الله عنها عاتكة بنت زيد في أول خلافة معاوية بن أبي سفيان، وكان ذلك عام 41 من الهجرة. 

تابعونا على صفحة الفيسبوك من خلال الضغط هنا…