عائشة بنت أبي بكر | الصّدّيقة بنت الصديق

عائشة بنت أبي بكر؛ أم المؤمنين، وأحب خلق الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج امرأة بكرًا غيرها، كانت أفقه نساء الصحابة وأكثرهن علمًا بالحديث وأحكام الدين، وهي ابنة أول خليفة للمسلمين عقب وفاة رسول الله، وقد نزل فيها قرآن يُتلى حتى يوم القيامة. 

هي أم المؤمنين وحبيبة رسول الله “عائشة بنت أبي بكر”، الفصيحة والبليغة وكذلك الفقيهة، روت العديد والعديد من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لها دور عظيم في تعليم المسلمين أمور دينهم ودنياهم. 

في هذا المقال من مجلة “زهرة” سنذكر أهم المعلومات المتوفرة حول سيرة أم المؤمنين “عائشة بنت أبي بكر” وأهم المحطات البارزة في حياتها، حتى وفاتها رضى الله عنها. 

ميلاد ونشأة عائشة بنت أبي بكر

هي عائشة بنت أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب، كما أن نسبها يلتقي مع النبي في مرة بن كعب، ولدت قبل الهجرة بسبع سنين، وأمها هي أم رومان بنت عامر من بني مالك بن كنانة.

لها ثلاثة من الإخوة الذكور منهم واحد شقيق، واثنان من الإناث، وهم “عبد الرحمن وهو الأخ الشقيق، عبد الله، محمد، أسماء، وأم كلثوم”، بالإضافة إلى أنها كانت تُكنى بأم عبد الله، وهو عبد الله بن الزبير، ابن أختها أسماء. 

تربت عائشة بنت أبي بكر على يد والدها أبي بكر الصديق تربية حسنة، وعلى مكارم الأخلاق، وكان من أهم صفاتها أنها جوادة كريمة، لا تترك شيئًا بيدها، وتتصدق بكل ما يأتي إليها، حتى روى أنها كانت تقوم بتعطير الأموال التي تخرجها كصدقة؛ لأنها لله، وتقع في يده أولًا. 

زواج عائشة بنت أبي بكر من رسول الله 

تزوجت السيدة عائشة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت تبلغ من العمر حينها تسع سنين، وكانت هي الزوجة الثالثة لرسول الله بعد السيدة خديجة والسيدة سودة بنت زمعة، ومما ورد في زواجها من رسول الله، أنها قالت: حدثني رسول الله قائلًا: جاء جبريل إليّ في المنام معه ثوب من حرير، فلما كشفه رأيت عائشة، وقال لي: هذه امرأتك، فرد رسول الله قائلًا: إن يكن هذا من عند الله يُمضه. 

وتقدم رسول الله بعدها لخطبة عائشة، وقد عقد عليها قبل الهجرة ببضعة أشهر، لكنه لم يبني بها إلا في شهر شوال من العام الثاني من الهجرة، وقد هاجرت السيدة عائشة إلى المدينة بعد هجرة رسول الله وأبيها برفقة أخيها عبد الله ووالدتها وأختها أسماء، وكذلك بنتي رسول الله فاطمة وأم كلثوم، ومعهم أم المؤمنين سودة بنت زمعة.  

وبعد زواجها من رسول الله، كانت شديدة الغيرة عليه والحب له، حتى أنها كانت تغار بشدة من باقي زوجاته صلى الله عليه وسلم، كما أنها كانت أحب نساء النبي إليه، وهو الأمر الذي كان واضحًا لجميع المسلمين، ومن ذلك حينما سُئل رسول الله: من أحب الناس إليك يا رسول الله؟، قال: عائشة، قيل: فمن الرجال؟، قال: أبوها. 

ومما يدل على غيرة السيدة عائشة على رسول الله حتى من زوجاته، ما ورد أنه في حجة الوداع كانت السيدة عائشة على جمل خفيف وليس معها إلا القليل من المتاع، بينما كانت أم المؤمنين صفية على جمل بطيء ومعها الكثير من المتاع، فأمر رسول الله بتبديل الراحلتين، وهو الأمر الذي أغضب السيدة عائشة وقالت: يا لعباد الله، غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله، فوضح لها الرسول سبب طلبه بذلك وهو رغبته في أن يسرع الركب، فسألته بعدها قائلة: ألست تزعم أنك رسول الله؟ فهلا عدلت؟، فسمعها والدها والذي كان يوشك على ضربها، فصده رسول الله وقال له: إن الغيرى لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه. 

حادثة الإفك 

حادثة الإفك هي حادثة عظيمة وقعت للسيدة عائشة بنت أبي بكر رضى الله عنها، ذكرها الرب عز وجل في كتابه، وأصل هذه الحادثة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما كان ينوي الخروج إلى غزوة ما اقترع بين زوجاته، ومن يخرج سهمها تخرج هي معه، وخرج في تلك المرة سهم السيدة عائشة، فخرجت مع رسول الله وكان ذلك بعد نزول الآيات الخاصة بالحجاب. 

وبعد انتهاء الغزوة، وبينما رسول الله وأصحابه في طريق العودة إلى المدينة المنورة، توقف الجيش لالتقاط أنفاسهم والاستراحة لبعض الوقت، فابتعدت السيدة عائشة عنهم؛ لقضاء حاجتها، ولما عادت إلى الجيش علمت أنها قد فقدت عقد لها فرجعت إلى حيثما كانت تبحث عنه، ولم يدرك الموكلون براحلتها أنها ليست في الهودج، وعند عودتها إلى معسكر الجيش مرة أخرى، وجدتهم قد غادروا، فظلت في موضعها؛ أملًا في أن يفتقدها أحد ما ويعودون للبحث عنها. 

وبعد فترة من الانتظار غلبها النعاس فنامت، وحينها أتى الصحابي “صفوان بن المعطل” وكان قد تأخر عن الجيش، فلما رآها عرفها على الفور، وأناخ حينها راحلته، فاستيقظت أم المؤمنين وركبت الراحلة، وانطلق بها حتى لحقا بالجيش. 

وعند رؤية المنافقون لهذا الأمر، تكلموا في عرض عائشة رضي الله عنها، وقالوا “ما سلم منها، ولا سلمت منه”، وتعددت الأقاويل التي قيلت في هذا الأمر، والسيدة عائشة لا تدري أي من هذه الأقاويل، حتى أنها عقب عودتها إلى المدينة مرضت مرضًا شديدًا، ولما كثرت الأقاويل تغير رسول الله في تعامله مع عائشة، وهو لا يدري ما يفعل في هذا الأمر. 

وبعد فترة علمت السيدة عائشة بنت أبي بكر ما يُقال في حقها، فازداد مرضها وطلبت من رسول الله أن تُمرض في بيت والدها فوافق، وبعد فترة ذهب رسول الله إليها في بيت والدها وحادثها قائلًا: يا عائشة، قد بلغني عنكِ كذا وكذا، فإن كنتِ بريئة فسيبرئكِ الله، وإن كنتِ ألممتِ بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فردت عليه بقول الله تعالي “وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ”. 

وبعد مرور بضعة أيام، نزل الوحي بقول الله تعالي “إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ، لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ” إلى بقية الآيات التي أظهرت براءة أم المؤمنين عائشة مما قيل في حقها. 

وفاة رسول الله في بيت عائشة بنت أبي بكر

حينما مرض رسول الله مرض الوفاة، طلب من زوجاته أن يُمرض في بيت عائشة فوافقن جميعًا، وفي يوم الوفاة ناولته السيدة عائشة السواك؛ لأنه كان يحبه صلى الله عليه وسلم، وما هي إلا ساعات قليلة حتى توفى رسول الله، ودُفن في حجرة السيدة عائشة. 

ولما أردن زوجات النبي المطالبة بميراثهن بعد وفاته، استنكرت السيدة عائشة هذا الأمر، وقالت لهن: إن رسول الله قال نحن الأنبياء لا نُورث، وما تركناه فهو صدقة. 

وفاة عائشة عائشة بنت أبي بكر

توفيت أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها في ليلة الثلاثاء الموافق 17 من رمضان عام 57 من الهجرة، وكانت تبلغ من العمر حينها 66 عامًا، ومن صلى عليها هو الصحابي أبو هريرة، وقد نزل في قبرها عروة وعبد الله ابنا الزبير ولدا أختها أسماء، وقد دُفنت في البقيع. 

تابعونا على صفحة الفيسبوك من خلال الضغط هنا…