أهم المعلومات حول حياة السلطانة شجر الدر
تعد “شجر الدر” أو “شجرة الدر” كما يُذكر في بعض المصادر، واحدة من أقوى النساء اللاتي ذكرهن التاريخ؛ لحكم مصر في فترة من أصعب الفترات التاريخية بالنسبة لها، كما تعد قصة حياتها مليئة بالعديد من الأحداث المدهشة، ولتأثيرها على المجتمع وقدرتها المميزة على حكم مصر، قررت “زهرة” في هذا المقال تسليط الضوء على قصة حياة “الجارية التي حكمت مصر”، والحديث عن من تكون شجر الدر، وكيف كان لها دور كبير في تقرير مصير دولة بأكملها.
أصول شجر الدر
اختلف المؤرخون حول المكان الذي وُلدت فيه “شجر الدر”، فقد قيل أنها خوارزمية الأصل، بينما يري البعض الآخر قالوا أرمينية أو تركية، بالإضافة إلى أن هناك رأى آخر بأنها من أصول بدوية ومن عائلة مشهورة، لكن عائلتها قد تم تفريقها على يد التتار.
وتقلب بها الحال، حتى وصلت إلى قصر السلطان الأيوبي الصالح “نجم الدين أيوب”، وقام “نجم الدين” بشرائها قبل أن يصبح ملكًا في عام 1239، حيث أُعجب الملك بجمالها وذكائها، وكان يصطحبها معه في رحلاته، حتى أنه عند عودته إلى مصر قام باصطحابها معه إلى هناك، وقرر اعتاقها والزواج منها.
وبالفعل تزوجها في مصر عام 1240، وكانت السبب في انفصاله عن زوجته الأولى وأم ابنه الوحيد “توران شاه”، ثم أنجبت منه ولد اسمه الخليل الذي لقب “المنصور”، ولكن كان عمره قصير حيث توفى في عام 1250.
شجر الدر مع الصالح نجم الدين الأيوبي
منذ أن تزوجها الملك، تحولت شجر الدر من جارية إلى سلطانة، وأصبحت تتدخل في حكم مصر، حيث كانت تستخدم ذكائها الشديد الذي كانت تتسم به في إدارة البلاد بشكل غير مباشر، عن طريق إعطاء النصائح للملك الصالح نجم الدين، كما كانت تنوب عن زوجها حكم مصر حينما يكون خارج البلاد، فقد كانت بارعة في تولي السلطة، وإدارة البلاد بذكاء.
عندما كان “الصالح أيوب” خارج مصر في حرب مع الأيوبيين، عرف أن ملك فرنسا لويس التاسع يترأس حملة صليبية كبيرة ويتجه بها إلى مصر، فعلى الفور عاد إلى هناك وبدأ بتجهيز الدفاعات لحماية مصر من الهجوم الصليبي المحتمل.
وبالفعل بذل الملك كل ما في وسعه لحماية مصر، لكن عند وصول الحملة الصليبية في يونيو عام 1249، تمكنوا من احتلالها عقب فرار جميع أهلها؛ خوفًا من البطش الصليبي، فحزن الملك الصالح حزنًا شديدًا، وانتقل بعدها مع شجر الدر لمكان آمن في مدينة المنصورة.
وخلال هذه الحروب المتتالية، كان يمر الملك الصالح بفترة مرض شديد، وهو الأمر الذي أدي إلى وفاته في 23 نوفمبر عام 1249، بعد أن حكم مصر لمدة عشر سنوات.
شجر الدر وبداية الحكم
عقب وفاة الملك الصالح، ظهر دور شجر الدر حينما استدعت قائد الجيش المصري الأمير فخر الدين يوسف، ورئيس القصر السلطاني الطواشي جمال الدين محسن، وأخبرتهما بوفاة الملك الصالح، واتفقوا سويًا على إخفاء خبر وفاة الملك الصالح؛ خوفًا من أن ضعف معنويات العساكر والجيش في ذلك الوقت.
وتمكنت بعدها من نقل جثمان الملك الصالح إلى القاهرة في سرية تامة، ووضعته في قلعة جزيرة الروضة، وأخبرت الجميع أن الملك مريض ولا يستطيع مقابلة أي شخص، وكانت تقوم بالعديد من الحيل؛ حتى لا يعلم أحد بوفاته، وبدأت بإصدار الأوامر السلطانية، كما قامت بتعيين “توران شاه” ابن الصالح أيوب حاكمًا على مصر، خلفًا لوالده المتوفى.
كما قامت بإعلان خبر وفاة الملك نجم الدين بعد تعيين ابنه “توران شاه” سلطانًا على مصر، وبعدها خاض توران شاه معركة مع الصليبيين وتمكن من هزيمتهم، وأسر الملك لويس التاسع، وكل هذه الانتصارات جعلت “توران شاه” يصاب بالتعالي، ويعامل شجر الدر بقسوة وبدأ بتهديدها ومطالبتها بأموال والده، ومع خوفها الكبير منه اضطرت للهرب إلى مدينة القدس.
ولم يتوقف غرور “توران شاه” عند هذا الحد، بل تعالى أيضًا على الأمراء المماليك، والذين كانوا سببًا أساسيًا في انتصاراته، الأمر الذي استفز المماليك، وقاموا بقتله والتخلص منه.
شجر الدر في حكم مصر
تولت شجر الدر حكم مصر عقب مقتل “توران شاه”، حيث قام المماليك بمبايعتها لتولي حكم مصر، لتكون بذلك أول ملكة تجلس على العرش في مصر بعد الفتح الإسلامي، كما حصلت على لقب “الملكة عصمة الدِّين”، وتم نقش اسمها على الدنانير والدراهم، وبدأ في عهدها تسيير المحمل المصري إلى دولة الحجاز، والذي كان يحمل كسوة الكعبة، إضافةً إلى نقل الأموال والمؤن إلى أهل البيت.
زواج شجر الدر من عز الدين أيبك
عقب تولي شجر الدر العرش، جاءت العديد من ردود الفعل الغاضبة، ومظاهرات رافضة لتولي عرش مصر امرأة، وحينها أدركت شجر الدر بذكائها أنه لا بد من وجود رجل يساندها، وعندها قررت التنازل عن العرش إلى عز الدين أيبك والزواج منه، ورغم أنها قد تنازلت عن الحكم، إلا أنها في الحقيقة كانت مسيطرة على الحكم بشكل غير مباشر عن طريق عز الدين أيبك، كما وصلت قسوة شجر الدر إلى حد إرغام “أيبك” على هجر زوجته الأولى وأم ولده “علي”.
بدأ أيبك بفرض سيطرته على البلاد بمساعدة شجر الدر، وتمكن من التخلص من منافسيه على الحكم داخل البلاد وخارجها، وبعد ذلك أخذ يخطط لمستقبله ومن سيتولى العرش من بعده، خاصة أن شجر الدر لن تستطيع الإنجاب لكبر سنها، فبدأ بالتقرب من الملك “بدر الدين لؤلؤ” حاكم الموصل، وقرر الزواج من ابنته.
ونتيجة لذلك حاول إخراج شجرة الدر من قصر القلعة، ونقلها إلى دار الوزراء؛ ليتمكن من تجهيز القلعة لاستقبال زوجته الجديدة، وحينها قررت شجرة الدر القضاء عليه، وقامت باستدراجه إلى القلعة، واستقبلته بشكل جيد، وقامت بقتله عن طريق غلمانها، ويذكر المؤرخون أنها قد قتلته من خلال ضربه على رأسه عدة مرات بالقبقاب، ثم تابع الغلمان ضربه حتى الموت، وبعدها قامت بإخبار الجميع أنه قد مات فجأة.
وفاة شجر الدر
تعددت الروايات حول مقتل شجرة الدر، إلا أن أشهرها يقول أنه عند وصول أنباء مقتل عز الدين أيبك إلى زوجته الأولى، قامت بالاجتماع مع المماليك وطلبت منهم القيام بقتل شجر الدر؛ انتقامًا منها لقتل “أيبك”.
وبالفعل تمكنت الزوجة الأولى من إرسال جواريها لإحضار شجرة الدر إليها، وأشارت إلى الجواري بضربها بالقباقيب على رأسها إلى أن ماتت، ثم أمرتهم بعدها بإلقائها من فوق سور القلعة، وقيل أنها قد دُفنت في ضريحها الحالي، القائم في أحد المساجد الكائنة في قسم الخليفة بالقاهرة، والذي أنشئ في عصر الدولة الأيوبية في مصر.
تابعونا على صفحة الفيسبوك من خلال الضغط هنا…