أم عمارة | المدافعة عن رسول الله
أم عمارة؛ امرأة من الأنصار، منذ دخولها في الإسلام وهي حريصة على دعوة الناس إليه، مهما قابلت من صعاب ومشاكل، آمنت برسول الإسلام ونالت شرف الدفاع عنه في غزوة أحد، حتى قيل أنها قاتلت ببسالة لا نظير لها؛ للدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاشت حياة طويلة قضتها كلها في المشاركة برفقة زوجها وولديها في الغزوات والمعارك.
إنها الصحابية الجليلة “أم عمارة” والتي شهدت بيعة العقبة الثانية، آمنت بالله ورسوله وبذلت من أجلهما الكثير والكثير، كما أنها كانت من أكثر نساء المسلمين إيمانًا وشجاعة.
في هذا المقال من مجلة “زهرة” سنذكر قصة حياة هذه الصحابية الجليلة، التي خُلد اسمها حتى يومنا هذا.
نسب ونشأة أم عمارة
هي أم عمارة نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار، كانت قبيلتها إحدى قبائل الخزرج الموجودة في المدينة، والتي وُلدت بها، وكانت أمها تُدعى الرباب بنت عبد الله بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جُشم بن الخزرج.
كان لها اثنان من الإخوة الذكور، هم “عبد الله، وعبد الرحمن”، وعند وصولها إلى سن الزواج، تزوجت من الصحابي الجليل زيد بن عاصم بن كعب، وقد أنجبت منه ولدان هما “حبيب، وعبد الله”، وقد شهدوا جميعًا بيعة العقبة.
ولم تذكر الكتب التاريخية ما حدث مع زوجها “زيد”، لكن الثابت أنها قد تزوجت بعده مرة ثانية من الصحابي “غزية بن عمرو الأنصاري”، وقد أنجبت منه ولدًا يُدعى “ضمرة”.
أم عمارة والدخول في الإسلام
بعد بداية الإسلام بالانتشار وقدوم جماعة من الأنصار إلى مكة ومبايعة الرسول في بيعة العقبة الأولى، أرسل معهم رسول الله إلى يثرب الصحابي الجليل “مصعب بن عمير” الذي يعد أول سفير في الإسلام، أرسله معهم لدعوة أهل يثرب إلى الدخول في الإسلام، فاستجاب له عدد لا بأس به من أهل المدينة، وكان من بين من أسلم على يد مصعب أم عمارة وزوجها وولديها.
وفي العام التالي، ذهبت أم عمارة وأسرتها إلى مكة لمبايعة رسول الله في بيعة العقبة الثانية، وعادت بعدها إلى المدينة مرة أخرى؛ تحاول بذل كل ما في وسعها للدعوة إلى الله عز وجل والدين الجديد.
وعقب هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، شاركت أم عمارة معه في العديد من الغزوات والمعارك، والتي كان من أهمها “غزوة أحد، الحديبية، غزوة خيبر، عمرة القضاء، فتح مكة، غزوة حنين”، بالإضافة إلى أنها شاركت أيضًا في بعض المعارك بعد وفاة رسول الله والتي كان من أهمها معركة اليمامة.
أهم ما ورد عن ولديها “حبيب، وعبد الله”
ابنها حبيب لقى مصرعه على يد مسيلمة الكذاب؛ فقد قطّعه عضوًا عضوًا لما ذهب إليه برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما ابنها الثاني عبد الله فهو الصحابي الذي روى طريقة وضوء رسول الله بشكل صحيح، كما أنه هو من قتل مسيلمة الكذاب فى معركة اليمامة، برفقة وحشي بن حرب.
دور أم عمارة في غزوة أحد
كان للصحابية الجليلة أم عمارة دور كبير في غزوة أحد، إذ كانت ممن خرجوا مع رسول الله هي وعائلتها للدفاع عن الإسلام والمسلمين، وكانت تعمل في تلك الغزوة على تضميد الجرحى وسقاية المحاربين، لكن مع اشتداد الأمر وفرار الكثير من المحاربين عقب كر المشركون عليهم مرة ثانية، كل هذه الأمور جعلتها تنزل إلى ساحة المعركة؛ دفاعًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والسبب الذي أدى إلى نزولها لأرض المعركة، أن النصر كان حليف المسلمين في بداية المعركة، لكن عند مغادرة الرماة أماكنهم، كر عليهم المشركون ثانية وساد الهرج في الميدان، وتفرق المسلمون كل في جهة، وهو ما كان سبب في سقوط العديد من الشهداء.
وعندما رأت أم عمارة ما حدث، ثبتت بجوار رسول الله تدافع عنه وتحميه بشجاعة لا مثيل لها، ومن ذلك ما رواه الصحابي عمارة بن غزية قال: قالت أم عمارة؛ رأيتني وقد انكشف الناس عن رسول الله، وما بقى معه إلا نفر قليل لا يتمون عشرة، فذهبت مع زوجي وولديّ ندافع عن رسول الله، وكان هناك رجل ومعه ترس فألقاه، فأخذته وجعلت أترس به عن رسول الله.
ومما قالت أيضًا رضى الله عنها في تلك الغزوة: كان الرجل يقبل على فرس، فيضربني وترست له فلم يصنع شيئًا وولى، فأضرب عرقوب فرسه، ووقع على ظهره، فكان رسول الله يصيح قائلًا: يا ابن أم عمارة، أمك، أمك، قالت: فعاونني عليه، حتى أوردته شعوب.
ولشدة شجاعتها وبسالتها في ذلك اليوم، فقد جُرحت ثلاثة عشر جرحًا ما بين طعنة برمح أو ضربة بسيف، ولما رأت رسول الله قالت له: ادع الله أن نرافقك في الجنة، فقال رسول الله: اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة.
وفاة أم عمارة
عاشت أم عمارة حياة طويلة مليئة بالكفاح مع رسول الله وبعد وفاته، حتى توفيت عام 13 من الهجرة، في خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه متأثرة بجراحها التي أصيبت بها في معركة اليمامة قبل عام من وفاتها، ودفنت في البقيع.
تابعونا على صفحة الفيسبوك من خلال الضغط هنا…