أسماء بنت عميس | زوجة الخليفتين
أسماء بنت عميس؛ هي امرأة تعددت ألقابها، فهي من تزوجت من شهيدين، ومن خليفتين، وتزوجت من أخوين، وصلت إلى القبلتين، ومن أهم ألقابها أنها ذات الهجرتين، وهي أول من صنع النعش للميت وأدخل فكرته في الإسلام، وكانت من السابقين في الدخول إلى الإسلام.
إنها الصحابية الجليلة “أسماء بنت عميس” التي تزوجت من ثلاثة من خيرة الصحابة رضوان الله عليهم، وهاجرت مع زوجها الأول إلى الحبشة، وبعدها المدينة المنورة بعد هجرة رسول الله إليها ببضع سنين.
في هذا المقال من مجلة “زهرة” سنذكر سيرة الصحابية أسماء بنت عميس، ونسبها ونشأتها، وزواجها من ثلاثة من الصحابة، وأهم المواقف التي مرت في حياتها، وحتى وفاتها رضى الله عنها.
نسب ونشأة أسماء بنت عميس
هي أسماء بنت عميس بن معد بن الحارث بن تيم بن كعب بن مالك بن قحافة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن معاوية بن زيد بن مالك بن بشر بن وهب الله بن شهران بن عفرس بن خلف بن خثعم بن أنمار، ووالدتها هي هند بنت عوف بن زهير بن الحارث.
ولدت في مكة، وكانت تُكنى بأم عبد الله، نسبة إلى ابنها عبد الله بن جعفر، وكان لها أخت شقيقة هي “سلمى بنت عميس” والتي تزوجت من عم رسول الله حمزة بن عبد المطلب، بينما كانت أخت من الأم لثلاثة من الإناث، اثنتان منهم كانتا من زوجات رسول الله، وهما “أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث، وأم المؤمنين زينب بنت خزيمة”، بينما كانت الأخت الثالثة هي لبابة بنت الحارث، زوجة عم رسول الله العباس بن عبد المطلب.
حياتها والدخول في الإسلام
كانت أسماء من السابقين إلى الإسلام، وقد تزوجت من الصحابي “جعفر بن أبي طالب”، وهاجرت معه إلى الحبشة، وأنجبت منه ثلاثة من الذكور، هم “عبد الله، عون، ومحمد”، وبعد هجرة رسول الله إلى المدينة ببضع سنين، هاجرت مع زوجها وأولادها للمرة الثانية إلى المدينة، وكان ذلك في السنة السابعة من الهجرة، وعاشت مع زوجها وأولادها في المدينة حياة سعيدة، حتى ذهب زوجها في غزوة مؤتة عام 8 هجريًا، واستشهد في تلك الغزوة رضى الله عنه.
موقف الرسول مع أولاد جعفر عند استشهاده
عند استشهاد الصحابي جعفر بن أبي طالب ابن عم رسول الله، ووصول النبأ إلى رسول الله، ذهب على الفور إلى بيته، ودخل على زوجته التي شعرت حينها أن هناك أمرًا قد حدث، وقال لها: يا أسماء أين بنو جعفر؟، فذهبت تحضرهم إلى رسول الله، فضمهم بشدة وشمّهم، وعيناه تذرفان الدموع، فقالت له أسماء: يا رسول الله، لعله بلغك عن جعفر شيء، قال: نعم، قتل اليوم، فقامت أسماء تصيح، واجتمع عليها النساء، وأخذ حينها رسول الله يخبرها: يا أسماء لا تقولي هجرًا، ولا تضربي صدرًا.
وخرج بعدها رسول الله، وذهب إلى ابنته فاطمة، والتي وجدها تقول: واعماه، فقال رسول حينها: على مثل جعفر فلتبك الباكية، ثم قال: اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد شغلوا عن أنفسهم اليوم.
موقف أسماء بنت عميس مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
عقب وصول أسماء وزوجها وبعض من كانوا في الحبشة إلى المدينة، كان بعض المهاجرين يخبرونهم قائلين: نحن خير منكم؛ سبقناكم بالهجرة، وهو الأمر الذي كان يحزن السيدة أسماء بشدة.
وقد ذهبت يومًا إلى أم المؤمنين حفصة بنت عمر تزورها، فدخل سيدنا عمر على ابنته، وقال حين رأى السيدة أسماء: من هذه؟، فقالت: أسماء بنت عميس، فقال سيدنا عمر: الحبشية هذه؟، فقالت السيدة أسماء: نعم، فرد عليها سيدنا عمر قائلًا: سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله منكم.
ولما سمعت السيدة أسماء هذا الأمر غضبت أشد الأشد، وقالت على الفور: كلا والله، كنتم مع رسول الله يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم، وكنا في أرض البعداء والبغضاء في الحبشة، وذلك في الله ورسوله، وأيم الله لا أطعم طعامًا، ولا أشرب شرابًا، حتى أذكر ما قلت لرسول الله، ونحن كنا نؤذى ونخاف، وسأذكر ذلك لرسول الله وأسأله، ووالله لا أكذب، ولا أزيغ، ولا أزيد على ذلك.
وذهبت بعدها إلى رسول الله قائلة: يا رسول الله، قد قال عمر كذا وكذا، فقال رسول الله: ليس بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان.
حياتها بعد وفاة زوجها الأول
بعد مرور وقت على وفاة جعفر بن أبي طالب، تقدم في طلبها للزواج أبو بكر الصديق، فوافقت وتم الزواج، وقد أنجبت منه ولدًا يسمى “محمد” وكان ذلك في حجة الوداع، وظلت معه حتى توفى رضى الله عنه، وقد أوصى حين حضرته الوفاة أن من يغسله هي زوجته أسماء بنت عميس.
بعد وفاة الخليفة الأول للمسلمين، تقدم للزواج من السيدة أسماء الإمام علي بن أبي طالب أخ زوجها الأول، فوافقت وتم الزواج، وقد أنجبت منه اثنان من الذكور، هما “يحيى، وعون”، وقد ظلت معه حتى وفاته رضى الله عنه.
ومن المواقف التي حدثت لها عقب زواجها من الإمام علي، والذي دل على رجاحة عقلها، أن ولدها محمد بن جعفر ومحمد بن أبي بكر، قد تفاخرا كل منهما في حضور الإمام علي، وقال للآخر: أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك، فقال الإمام علي لأمهما: اقضِ بينهما، فقالت حينها: ما رأيت شابًا من العرب خيرًا من جعفر، ولا رأيت كهلًا خيرًا من أبي بكر، فقال الإمام علي على الفور: ما تركتِ لنا شيئًا، ولو قلتِ غير الذي قلت لمقتك.
روايتها للحديث
كانت السيدة أسماء من الصحابيات اللاتي روين الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روى عنها ولدها عبد الله بن جعفر، وكذلك أيضًا عبد الله بن شداد، عروة بن الزبير، القاسم بن محمد بن أبي بكر، وسعيد بن المسيب.
وفاة أسماء بنت عميس
توفيت رضى الله عنها عام 38 من الهجرة، وقبل عام 39 من الهجرة.
تابعونا على صفحة الفيسبوك من خلال الضغط هنا…